عالي اغراس
عنوان للتضحية في زمان الخذلان
في عالم كرة القدم للصالات، هناك من يركض، وهناك من يسجل، وهناك من يدافع، لكن قلّما نجد من يرسم. "الرسام" ليس مجرد لقب يُطلق على لاعب مهاري بل هو وصف يليق بمن يرى القاعة المطاطية كمساحة للإبداع، لا فقط للتنافس. إنه اللاعب الذي لا تراه يراوغ بقدر ما تراه يبتكر، لا يمرر بقدر ما يُهندس، ولا يسجل بقدر ما يُوقّع هدفًا كما يوقّع الرسام على لوحته.
يعتبر عالي أغراس ممثل للكرة الوادنونية بالدوري السعودي للمحترفين. حيت كانت له تجربة مع نادي الشباب السعودي ويعتبر ايضا الابن البار لامل كلميم وخاض تجربة رفقة رجاء اكادير و نهضة زمامرة.
القائد و الفنان و المتواضع.
حين تلتقي القيادة بالفن داخل القاعة و حين تُرزق القاعة بنعمة اسمها التواضع والموهبة.
في عالم كرة القدم الصالات، لا يبرز اللاعب فقط بمهاراته أو أهدافه، بل بشخصيته داخل الملعب وخارجه. وبين كل الأسماء التي تألقت على أرضية القاعة المطاطية، يبرز اسم لا يُمكن نسيانه في كلميم لأنه لم يكن فقط لاعبًا رائعًا، بل كان قائدًا بالفطرة، فنانًا باللمسة، وإنسانًا بالتواضع.
هو ليس من أولئك الذين يطلبون الأضواء، بل من الذين تذهب إليهم الأضواء تلقائيًا. لاعب حين تراه لا تلاحظ فقط لمساته الساحرة، بل هدوءه و ابتسامته و احترامه للجميع سوء كان خصما او حكما او جمهورا. إنه اللاعب الذي يلعب وكأنه يرسم، ويقود وكأنه يربّت على أكتاف زملائه، ويُبدع دون أن يتعالى.
وُلد عالي أغراس في حي الرجاء فالله في مدينة كلميم. مدينة لا تُعرف بإنتاج النجوم، لكن هذا اللاعب وُلد ليكون استثناءً. لعب في ملاعب ترابية في ازقة كلميم، حيت تعلم أن يُراوغ في المساحات الضيقة، وتعلّم أن يُسقط الخصم دون أن يُسقط احترامه له. في كل مرة كان يلمس الكرة، كان الجيران يتوقفون عن الكلام، الأطفال يُقلدون حركاته، والكبار يقولون "هذا الولد مختلف."
لكن ما كان يلفت النظر أكثر من موهبته، هو تواضعه رغم التميز. وكان يقول دائمًا:
"نحن نلعب معًا، نربح معًا، ونخسر معًا."
صوته لا يعلو لكنه يصل.
في الملعب، لم يكن أكثر من يتحدث، لكنه كان أكثر من يُسمع. لم يكن يصرخ، بل يكفي أن ينظر في عيني زميله، فيفهم الأخير ما المطلوب.
كان يعرف متى يهدّئ الفريق، ومتى يُشعل الحماسة. يعرف متى يُطالب بضغط هجومي، ومتى يطلب التراجع.
هو ذلك القائد الذي لا يُقحم نفسه في كل مشهد، لكنه حاضر دائمًا في اللحظة الحاسمة.
اصدقائه فالفريق يُحبونه لأنه لا يُلقي اللوم على أحد. في الهزائم، يتحمل المسؤولية، وفي الانتصارات، يوزّع الفضل على الجميع. هو ببساطة قائد وُلد ليقود بقلوب من حوله، لا بأوامر صاخبة.
أغراس ريشة تتحرك بخفة القدم.
مهاراته داخل القاعة لا تقل عن رسامٍ أمام لوحته. لم يكن يُراوغ لمجرد الاستعراض، بل كانت كل حركة له مدروسة، لها غاية ولها جمال خاص.
حين يلمس الكرة تسمع صوت الجمهور في المدرجات. الكل يترقّب هل سيمرر؟ هل سيسدد؟ أم سيبتكر شيئًا جديدًا؟
عالي اغراس هو اللاعب الذي ترى فيه الرشاقة و الروح و التركيز و التواضع في سلوكه.
في لحظة واحدة، قد يمرر بكعب قدمه، أو يراوغ وهو يدير ظهره للخصم، أو يصنع هدفًا بتمريرة لا يراها إلا هو. لكنه بعد كل هذا، لا يحتفل باستعراض، بل يبتسم برقة، وكأن كل ما فعله شيء عادي لا يستحق التفاخر.
العلاقة مع الجماهير بصفة عامة
الجمهور يحبه لأنه لا يتكبّر، لأنه يبقى بعد المباراة يحيي الصغار بابتسامة صافية. لا يُظهر الغرور، ولا يدخل في صراعات، بل يُفضّل الحديث بالأداء، والرد بالإبداع، والنقاش بالهدوء.
حتى الخصوم يكنّون له الاحترام، وكثير منهم يقول.
لا يمكننا أن نكرهه. هو لاعب يجعلك تحترم اللعبة أكثر.
لم يُعرف عنه أنه تعمّد إصابة أحد، أو تعمّد استفزاز خصم.
ليس بالسهل ان تتحدث عن التضحية وانت لا تعرف الضغط الذي عاشه القائد عالي اغراس مع فريقه الأم أمل كلميم.
كان هناك لاعب لا يتحدث كثيرًا، لكنه قال كل شيء... بالكرة.