مبارك البريمي
القصير الذي ارهق العمالقة
في زحمة الأقدام الطويلة والأجسام المفتولة، حيث تُقاس الأفضلية أحيانًا بالمتر والكيلوغرام، خرج من بين الزحام شاب قصير القامة، بخطواته السريعة و لمساته الماكرة، قلب الموازين في لعبة لا ترحم البطء ولا يحبب التردد فيها. مبارك البريمي لا يتعدى طوله 1.69 مترًا، لكنه يُجبر الجميع على رفع رؤوسهم احترامًا، لا لعلو قامته، بل لجودة أدائه وروحه القتالية في ملعب الصالات.
ولد مبارك البريمي في مدينة كلميم وبضبط شارع 30 حيت الشوارع ضيقة بالكاد تتسع لطفلين يركضان نحو كرة بلاستيكة. هناك على الاسمنت المتشقق بدا مبارك يشق طريقه ليس فقط نحو الشباك بل نحو قلوب الناس.
لم يكن يملك حذاءً رياضيًا فخمًا، ولا أدوات تدريب حديثة، لكنه امتلك شيئًا لا يُشترى الشغف. كان يتدرب على ارتداد الكرة من الجدران، يركض بين أعمدة الإنارة كأنها خصومه، ويتفنن في المراوغة حتى داخل المنزل، مما تسبب أكثر من مرة في كسر اثات المنزل.
اما عن مرحلة تكوينه فكانت على يد مجموعة من المدربين في مشروع اشرفت عليه اكاديمية گلميم سمارة قبل التقسيم الجديد، وامتد تكوينه ل 5 سنوات بعدها التحق بفئة الفتيان لامل كلميم اتمم المسار معاهم ليتم تصعيده الى الفريق الاول بدا مبارك البريمي يلعب مع كبار امل گلميم وهو مزال صغيرا حيت كان عمره 17 سنة و من اول مباراة رسمية له في القسم التاني سجل اول هدف مع كبار امل كلميم. ويعتبر اصغر لاعب سجل فالقسم التاني.
لينتقل بعد ذالك لخوض تجربة جديدة رفقة شيخ الاندية جوهرة الصحراء فالقسم التاني هواة، عاد مرة اخرى لأمل كلميم بعدها انتقل صوب شباب افخفنير ليعود مرة اخرى لامل گلميم لمدة 4 سنوات، وبسبب سوء التسير و النتائج رحل لخوض تجربة اخرى نحو أجاكس العيون المنتمي الى القسم الاول. وفي مرحلة الاياب انتقل الى وفاق إغيل.
الذكاء قبل القوة عقل يلعب بقدميه
كرة قدم الصالات ليست مثل نظيرتها في الملاعب الكبرى، هي لعبة تعتمد على السرعة و الدقة و ردة الفعل الخاطفة. و مبارك البريمي وُلد لهذه اللعبة. فهو لا يعتمد على بنيته الجسدية، بل على سرعته ففي وقت قصير يمكنه أن يراوغ و يمرر و يسجل، بينما لا يزال المدافع يدرس اتجاهه.
قال عنه أحد المدربين:
عندما أراه يلعب، أشعر كأن الكرة مربوطة بقدمه بخيط غير مرئي. لا أحد يستطيع أخذها منه دون أن يترك خلفه شيئًا من الكرامة الضائعة.
طريقته في اللعب لا تُشبه أحدًا. لا يُقلد ولا يكرّر، بل يُبدع في كل لمسة. يركض برأسه مرفوعًا، يبحث عن ثغرة لا يراها سواه، يتسلل كالشبح و يضرب كالصاعقة.
قصير القامة لكنه عظيم التأثير
لطالما سمع مبارك تعليقات من قبيل "صغير جدًا" و "لن ينجح" و "ليس له مكان بين الكبار". لكنه لم يُجب بكلمة واحدة. كانت قدماه تتحدث عنه. وفي كل مرة يدخل فيها الملعب، كان يُثبت أن القامة لا تصنع لاعبًا بل القلب و الذكاء و الإصرار.
اللعب بالعقل قبل الجسد
ما يميز مبارك لم يكن فقط مهارته، بل ذكاؤه في قراءة اللعب. كان دائمًا يسبق الكرة بخطوة، يعرف أين يقف و متى يمرر و متى يضغط. قصير القامة؟ نعم. لكنّه كبير بفكره.
سرعان ما أصبح حجر الأساس لفريقه، بل إن بعض الخصوم بدؤوا يعيدون حساباتهم لمجرّد وجوده على أرض الملعب.
ورغم أنه لم يصل إلى الأضواء أو يحترف في نادٍ كبير، إلا أن احترام الناس لموهبته جاء مع الوقت. وصار له جمهور صغير، وأصدقاء يتعلمون منه، وحتى لاعبون أكبر سنًا يسألونه عن نصائح للتمركز والتحكم بالكرة.
و في النهاية مبارك هو مثال حي على أن كرة القدم ليست للأطول أو الأقوى فقط، بل للأذكى والأكثر إصرارًا. هو أحد أولئك الذين لم يعرفهم العالم، لكنهم غيّروا نظرة محيطهم لكرة القدم.
لا يظهر في العناوين، لكنه بطل في أعين كل من شاهده يلعب.
البريمي ليس مجرد لاعب كرة قدم صالات. هو رمز للتحدي و صوت المكافحين لضحكة الانتصار على كل تنبؤ سلبي. قصير القامة؟ نعم. لكنه في أعيننا طويل، أطول من كل من وقف في طريقه، ثم شاهد ظهره وهو يبتعد منتصرًا، بلمسة أو هدف أو تمريرة لا تُنسى.