صافرة الامل
قصة حكم كرة قدم صاعد يتسلق المراتب.
في زحمة الملاعب وأصوات الجماهير يبرز شخص غالبًا ما يكون في الظل، لكنه يحمل على كتفيه مسؤولية جسيمة قد تغيّر مجرى مباراة بأكملها. إنه الحكم ذالك الشخص الذي يوازن بين العدالة والانضباط و بين شغف اللاعبين و غضب المدرجات.
ومن بين هؤلاء نستعرض لكم قصة "محمد بطهير"، حكم كرة قدم شاب، رسم لنفسه طريقًا في عالم لا يرحم الأخطاء.
البداية المتواضعة
نشأ محمد في حي تيرت، حيث كانت كرة القدم أكثر من مجرد رياضة كانت لغة الحي و متنفس الأحلام. لم يكن لاعبًا بارزًا، لكنه كان مهووسًا بتفاصيل المباريات، يراقب تحركات الحكام أكثر من اللاعبين. كان يتسأل دائما. لماذا رفع الحكم البطاقة؟ و ما سبب احتساب التسلل؟ وفي إحدى المرات، عندما تطوّع لإدارة مباراة بعد غياب الحكم، شعر بشيء غريب كأن الصافرة كانت نداءً لمستقبله.
محمد من مواليد 1998 بمدينة كلميم هو استاد مادة التربية البدنية للتعليم الخاص بمؤسسة القمة الخاصة، تتلمذ على يد الاستاذين عبد الهادي الوميري المكون الجهوي للعصبة الجهوية گلميم وادنون. و مصطفى الشاشي الملقن الجهوي لعصبة گلميم وادنون.
بطهير هو حكم وطني تابع للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ولج مدرسة التحكيم سنة 2014 كحكم جهوي تابع لسوس ماسة و بعد دلك تخرج كحكم جهوي سنة 2015. اجتاز إمتحان الترقية درجة حكم وطني سنة 2019. و اجتاز تدريب دولي تحت اشراف الاتحاد الدولي بمركب محمد السادس الرباط.
رحلة الشغف و التحديات.
دخل محمد دورة التحكيم المحلية بعينين تلمعان طموحًا و رغم صغر سنه و حداثة تجربته، كان لافتًا للحضور بدقة ملاحظاته و ثقته أثناء المحاكاة. سرعان ما بدأ بإدارة مباريات الفئات السنية ثم انتقل بعدها إلى دوري الدرجة الثالثة، حيث واجه أول اختبار حقيقي وهو إدارة مباراة متوترة بين فريقين متنافسين على الصعود.
ورغم صعوبة اللقاء، خرج محمد بقرارات وُصفت بـ"الشجاعة"، وحصل بعدها على إشادة من لجنة التحكيم. لكن طريقه لم يكن مفروشًا بالورود. فقد تعرض لانتقادات لاذعة من مدربين، وواجه جماهير ساخطة. ومع كل ذلك، كان يقول: "أصعب شيء أن تكون عادلًا في عالم لا يتقبل العدالة بسهولة".
ما وراء الصافرة.
بعيدًا عن الملاعب، يعمل محمد كأستاذ لتربية البدنية في مدرسة خاصة ويخصص جزءًا من وقته لتثقيف تلاميذه الصغار حول أهمية احترام الحكم. محمد يؤمن أن التحكيم ليس فقط مهنة، بل رسالة "إذا أردنا كرة قدم عادلة، فعلينا أن نغرس الاحترام قبل أن نعلّم القوانين".
المستقبل المشرق.
اليوم، يستعد محمد للحصول على الشارة الدولية، وهو أقرب من أي وقت مضى لتحقيق حلمه في إدارة مباريات في بطولات محلية و قارية. طموحه لا حدود له لكنه لا ينسى جذوره التي بدأت من ملاعب ترابية بلا جمهور، واليوم أُدار من على المدرجات بصافرة. لكنها كانت دومًا صافرة الأمل".
ولاننا نريد لمحمد الخير إرثأينا ان نقدم له بعد النصائح:
الثقة بالنفس دون غرور.
اظهر بمظهرك الواثق في قراراتك، لكن تجنّ التكبر.
التمسك بالحياد والعدل.
لا تتحيز لأي طرف مهما كانت الظروف. العدل أساس المصداقية.
الإلمام بالقوانين واللوائح.
اقرأ وتعلم كل القوانين المتعلقة بدورك كحكم. المعرفة تعزز ثقتك وتحمي قراراتك.
التواصل الفعّال.
تحدث بوضوح واحترام مع الأطراف المعنية. طريقة كلامك تُحدث فرقًا كبيرًا.
الحزم مع احترام الآخرين.
كن حازمًا في تنفيذ القوانين، لكن دائمًا بلغة محترمة، لا تنجرّ إلى الجدال أو الاستفزاز.
التعلم من الأخطاء.
لا أحد معصوم من الخطأ، المهم أن تتقبل النقد البنّاء وتتعلم منه.
التحكم في الأعصاب.
لا تدع التوتر أو الضغط يؤثر على قراراتك. الهدوء هو سلاح الحكم القوي.
الاستماع الجيد.
أحيانًا الاستماع بعناية يُجنبك اتخاذ قرار خاطئ أو متسرع.
المظهر والهيبة.
حافظ على مظهرك الشخصي الجيد، فهو يعكس الاحترام ويمنحك حضورًا قويًا.
بناء السمعة الجيدة.
التزامك بالعدالة والنزاهة والاحترام سيجعل لك مكانة قوية ويكسبك احترام الجميع.
قصة محمد بطهير ليست مجرد قصة حكم، بل حكاية إنسان عرف طريقه وسط الضوضاء فاختار أن يكون صوت النظام في بحر من الفوضى. قد لا يهتف له الجمهور لكنه يسير واثقًا أن العدالة وإن تأخرت تبقى هدفًا يستحق أن يُحرس بصافرة.